24 ساعة

الوجه الاخر : “محمد” من ابناء العروي في “تشابولا” باسبانيا.. حيثُ يتكسر الحلم الأوروبي

أحلامٌ كثيرة غازلتهم وهم يعبرون إلى إسبانيا سراً على متن قوارب ,عقدت صفقات مع الحظ تارة ومع الموت تارة أخرى، منوا نفوسهم بحياة رغد  تُنسيهم ما اعتبروه عذاباً عاشوه في بلدهم الأصل، ولو كان ذلك عبر ركوب بحر تحوّل إلى مقبرة كبيرة تبتلع أجساد العشرات سنوياً، لكن رغم قساوة الوضع، يرفض هؤلاء المغادرة، مصرّين على مناجاة النفس بأوراق الإقامة.

لكن شطّ النجاة لم يكن بكل تلك الوردية التي لوّنت أمانيهم، إذ يعيش العديد هناك في مساكن من صفيح وبلاستيك وورق، ولا مورد يعيل بعضهم غير سويعات عمل قليلة في الحقول، أو مساعدات توّزع بين الفينة والأخرى.

فبعد نشرنا لاعلان حول تواجد احد ابناء العروي في احدىتشابولاتتقاطرت علينا العديد المكالمات عبر رقم جريدتنا الاخبارية الاخبار 55 , واكدوا لنا اننا وضعنا اليد على جرح عميق ، بحيث يرفض الجميع التحدث عن هذا الجانب المظلم للمهاجرين باسبانيا ، ففي مساحات خالية في أطراف إقليم الميريا بجنوب إسبانيا، يعيش المئات من المهاجرين السريين في مساكن يطلق عليهاالتشابولاتومن بينهم العشرات من ابناء مدينة العروي ، حيث لا ماء صالح للشرب ولا كهرباء ولا دورات مياه، وحدها غرف صفيحية تضم أسِرة وأغطية يحتلها الغبار من كل جانب، في بعض مجموعاتالتشابولاتتختلط الجنسيات، بينما تكون بعضها أكثر حكراً على جنسية واحدة، كما عليه الحال بالعديد من المغاربة الذين كونوا هناك مجتمعا صغيرا يتقاسم كل شيء، بدءًا من الأحلام، وانتهاءً بواقع عنوانه المعاناة.. 

ندمنا على مجيئنا!

غادر محمد (اسم مستعار) وهو من ضواحي مدينة العروي  مقعده الدراسي أشهرا قليلة بعد التحاقه للمرة الأولى بالمدرسة، بعد سنوات كان الفقر عنوانها، هاجر سراً عبر البحر إلى إسبانيا ودفع حوالي 10 ملايين سنتيم من اجل هذاالحلمحيث كان يشتغل عامل نظافة موسمي بمدينته العرويالانعاش الوطنيوقامت امه ببيع قطعة ارضية ورثتها من اجل تهجيره ، قضى عاما لحدّ الآن باسبانيا، لم يحتاج محمد، صاحب الـ 24 عاما، الكثير من الوقت حتى يكشف لنا عبر رسالة صوتية ما يكتنف أعماقه من ألم:” طرقت جميع الأبواب، لكنهم يرفضون تشغيلي هنا بحجة أنني غير نظامي ، سمعنا في المغرب أن المال موجود في إسبانيا، لكن لما وصلت اكتشفت أن هذا الكلام غير صحيح“، يوجه محمد رسالة إلى الشباب المنطقة : ” لا يغرّنكم من يتجّولون بسيارات ذات ترقيم أوروبي، فلو عاد بي الزمن للوراء لم أكن لاهاجر، أدرسوا وحققوا الإضافة في بلدكم، فلن تعانوا هنا غير الحرمان“.

محمد يقول ان الحياة فيتشابولاتليست حصراً على غير النظاميين. هناك مهاجرون لديهم أوراق الإقامة، لكن مشاكل العمل دفعتهم الى الاستنجاد بهذه المساكن, بعض المهاجرين كانوا يخالون أن الحياة ستبتسم لهم في إسبانيا وسيحقّقون أحلامهم البسيطة المتمثلة غالبا في عمل مستقر ومسكن لائق وربما العودة لاحقاً إلى المغرب باوراق الاقامة وتحسن الوضعية  ،محمد وبحرقة :” لا أستطيع العودة إلى بلادي لأن نظرة المجتمع هناك سيئة.. سيقولون إنني عدت وتركت عملي.. سيعتقدون أنني لم أستطع إثبات نفسي في العمل، لأنهم لايعرفون ماذا يجري هنا“. يتابع وكلامه متقطع : “منذ عام وأنا هنا، لم أجمع أيّ مال، لم أحظ بسكن لائق، نعيش المعاناة وفقط،” كما ان بعض ابناء العروي بالمنطقة التي يتواجد بها باسبانيا والذين يتوفرون على اوراق اقامة ومساكن لائقة ودخل قار قساة مع ابناء جلدتهمالحراگةولا يقدمون لهم المساعدة وان كل ماينشر في مواقع التواصل الاجتماعي مجرد نفاق اجتماعي”

فيما وجه رسالته الاخيرة لابناء العروي المتواجدين بالمغرباتمنى من اعماق قلبي وانا اتحدث اليكم ، ان تصل رسالتي الى اخواني ببلدتي العزيزة العروي ، المرجوا بكل من يفكر الهجرة الى اسبانيا او اوروبا عامة ، ان يكون حاملا لديبلوم مهنة وان يكون له هنا من يقف معه لكي يعثر على مسكن لائق وعمل محترم ، وان لا يأتي بدون (فيسيون) لان الوضع هنا بشع ، ليس كما تتصورونه

جرح عميق وعالم مظلم للعديد من المهاجرين في الديار الاسبانية ، لكن هناك ايضا جانب مشرق للعديد من ابناء مدينة العروي الذين تغيرت حياتهم ووجدوا مستقبلا افضل بهاته الديار ، واشتغلوا واستثمروا وتحصلو على اوراق اقامة كما انهم وفرو فرص شغل اظافية لابناء جلدتهم وساعدهوم على تسوية وضعيتهم القانونية والاقتصادية ، فالحياة كلها أمل لغد مشرق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *