وسط تصاعد قصص الأمل المكسور التي تحيط بشباب مغربي يحلم بالعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط، أغلقت المحكمة الابتدائية بالحسيمة فصلًا جديدًا من ملفات النصب المرتبطة بالهجرة السرية، بعدما قضت الغرفة الجنحية التلبسية بإدانة شخص بالسجن النافذ لمدة سنة ونصف، مع تغريمه 2000 درهم، بتهمة الاحتيال على شباب كانوا يحلمون بالوصول إلى إسبانيا بأي وسيلة ممكنة.

المتهم، الذي أوهم ضحاياه برحلة خلاص إلى أوروبا، تورط في سلسلة من عمليات النصب، حيث أقنع شبابًا من أبناء المنطقة بقدرته على تهجيرهم سرًا مقابل مبالغ مالية كبيرة. غير أن وعوده تبخرت سريعًا، ليكتشف الضحايا أنهم وقعوا في فخ محكم لاستنزاف أموالهم دون أي فرصة حقيقية للعبور.

بدأت خيوط القضية تتكشف حين انهالت شكايات من شباب يعيشون بين حلم الهجرة وواقع البطالة القاسي، ليتم توقيف المتهم وإحالته على النيابة العامة. وُجهت له تهما ثقيلة، شملت النصب والمشاركة في تنظيم وتسهيل مغادرة أشخاص مغاربة للتراب الوطني بطريقة غير قانونية.

غير أن المحكمة، وبعد فحص الملف والوقائع، قررت تبرئته من التهم المرتبطة بالهجرة غير الشرعية، مكتفية بإدانته بجريمة النصب فقط، وهو حكم أثار بعض الجدل، خاصة أن نشاطه كان مرتبطًا بإيهام الضحايا بإمكانية تهجيرهم بطريقة غير قانونية.

تأتي هذه الواقعة في سياق تزايد محاولات الهجرة غير النظامية من مناطق الشمال المغربي، خاصة في صفوف الشباب العاطل الذين يبحثون عن أي فرصة للخروج من واقعهم الصعب. إلا أن هذه الأحلام كثيرًا ما تتحطم على صخور البحر أو تتلاشى في فخاخ النصب والابتزاز.

ورغم الحملات الأمنية والتوعية المستمرة، لا تزال شبكات النصب والتهجير غير القانوني تستغل أوضاع الشباب، مما يجعل الظاهرة تتطلب حلولًا أكثر شمولية، تجمع بين التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل، إضافة إلى تكثيف الجهود لمحاربة الوسطاء الذين يحولون حلم الهجرة إلى كابوس حقيقي