نعيش في حياتنا اليومية على وقع شعار البؤساء الذين يشجعون وضع العصا في العجلة وبالمعنى العامي “دير العصا فالرويضة” هذه العبارة كثيرا ما نسمعها في حديثنا اليومي، و معناها ان يصطنع البعض، لأناس آخرين يسعون إلى النجاح، عراقيل في حياتهم، والتعامل بالقساوة واختلاق المعاناة، مما يدل على أن مجتمعنا مليء بالعلل النفسية ، بالرغم من وجود من يقاوم من أجل الاستمرارية ، وهناك من يتعثر في طريقه جراء العرقلة و ينهض ثانية وثالثا رغم قساوة التعامل
فهناك فئة متسلطة وتحتقر باساليبها الخاصة النجاحين و حاملي المبادرات سواء داخل المؤسسات او في باقي العلاقات داخل المجتمع، ويعود ذلك إمّا للأنانية وبغض الآخر، أو لشخصنة التسيير أو لتداخل الصراع السياسيّ بالمصلحة المادية و الاجتماعية … مما يضر بمختلف شؤون حياة الناس، وهذه الفئة هي الأكثر تمردا على الاصلاح وتعيق التطور وتبطل روح القانون، بسبب استكبارها وخشيتها على مصالحها واحيانا تريد فقط الخسارة دون ربح ويكفي ان تكون هي التي اعترضت على الاخرين وسببت لهم الضرر
وهناك فئة جاهلة أو غير واعية أو تفتقد للنضج الكافي او تتوهم انها على دراية و إلمام كافيين، وهؤلاء هم الذين ينساقون ويسيرون وينعقون خلف كل ناعق، خصوصًا مع وجود طرق للتضليل والتجهيل، هؤلاء بسبب قلة وعيهم وعدم نضجهم وعدم درايتهم لحقائق الأمور يسيرون خلف كل جهة رأوا فيها مصلحة ، خصوصًا تلك الجهات التي تملك التأثير الواسع وتنهج نهج التضليل والتضييق، و تقف بجانب المعتدي ولو على حساب قيم مثلى في المجتمع
وهناك فئة تتحكم بها الأهواء والأمزجة الشخصية، وتسير أحيانا خلف نزعاتها ومصالحها، أو انها محاصرة بسيرتها المليئة بالصدمات سجنت حرية تفكيرها انطلاقا من الماضي المشؤوم فيجعلها ترفض النقاش الموضوعي
و التعامل بمنطق وضع العصا في العجلة يعني أن يكون الشخص فاشلا ويريد للآخرين أن يكونوا مثله؛ فيلجأ الفاشل الى اسلوب “العصا في الرويضة” لكي يستلذ طعم افشال المجتهدين كالذي يريد أن يخلق روايات لإلحاق الأذى بالآخرون، دون الانتباه الى أن الكسل طعمه مر كالحنظل وهو الذي يجب مقاومته في نفسه وليس في الآخرين
فالتعامل باعمال العصا في العجلة يعني أن تكون للشخص موهبة نتنة في دراسة تصرفات الناس وممارساتهم اليومية، و هو لا يتقن سوى استخدام معول الهدم وتبخيص الاعمال والاستهزاء بالانتماء ووضع العصا في عجلات العباد، والركض خلف الآخرين لكسرهم وإخفاقهم وتثبيط عزائمهم فيما يقومون به
ويبقى خيار المواجهة أمرا إيجابيا للحد من تطاول الحاقد الحاسد، أما استمرار الاختباء وراء الجُدران والقيام بممارسات ماكرة ليست من شيم المروءة وتزيد في تعميق أزمة العلاقات الاجتماعية وتؤثر على وظائف المؤسسات والمرافق العامة والخاصة
فان نترك كل يشتغل بعمله و بما يرتاح فيه من اختيارات، فذلك أفضل بكثير من وضع العصا في العجلة لبعضنا البعض، العصا التي أدت إلى زرع الكره والعداوة بين الناس دون ترك عجلاتنا تسير كيفما شئنا نحن؛ لان اسلوب وضع العصا في العجلة وسيلة الضعفاء والفاشلين، وعلى الجميع ان يحذر حاملي شعار وضع العصا في العجلة
و مجتمعنا اليوم يحتاج الى معالجة مثل هذه الظواهر السلبية بالاعتماد على علم النفس وعلم الاجتماع بدلا من ولوج البعض الى مناصب المسؤولية بالاعتماد فقط على شروط ادارية او علمية .
الدكتور احمد درداري
رئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات
أضف تعليقك الأول إلى هذا المنشور
تعليقات الزوار