نظام الدوائر يعمق الفوضى السياسية في العروي ومدن أخرى… هل تعود وزارة الداخلية إلى نمط اللائحة؟

بعد سنوات من اعتماد مدينة العروي على نظام اللائحة في انتخاب أعضائها الجماعيين، والذي كان يُوفر نوعًا من التماسك داخل المجالس المنتخبة سواء في فرق الأغلبية أو المعارضة، عادت المدينة سنة 2021 إلى نظام الدوائر الانتخابية الفردية، في إطار تغييرات شملت مراسيم تنظيم الانتخابات المحلية، وخاصة في ما يتعلق بتخفيض العتبة بالنسبة للجماعات التي يقل عدد سكانها عن سقف معين.

هذا التغيير لم يكن بسيطًا في مضمونه، بل انعكس بشكل واضح على المشهد السياسي بالعروي ومدن أخرى شبيهة، بما في ذلك عواصم أقاليم تم تصنيفها، من الناحية الانتخابية، ضمن النمط القروي بدل النمط الحضري، ما طرح تساؤلات واسعة حول نفعية وجدوى هذا الخيار.

فبينما كان نظام اللائحة يفرض على الأحزاب تقديم مرشحين في إطار منسجم، مما يخلق نوعًا من التوازن الحزبي داخل المجلس، نجد اليوم أن نظام الدوائر الفردية أدى إلى تشتت المشهد السياسي، وغياب التماسك بين أعضاء المجالس، حيث أصبح كل منتخب يركز على مصلحة دائرته فقط، دون اعتبار لمصلحة المدينة ككل.

هذا الواقع يفرز تحالفات هشة، لا تقوم على أساس حزبي أو برامجي واضح، بل على منطق المصالح الضيقة، مما يُؤثر بشكل مباشر على وتيرة التنمية المحلية، وتدبير الشأن العام الجماعي، سواء في الوسط الحضري أو في قلب المدينة.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يؤثر أيضًا على تماسك المعارضة والأغلبية، حيث لم يعد من السهل التمييز بين الأطراف، بسبب تشكل المجالس من خليط غير متجانس من الأحزاب والمرشحين، ما يخلق جوًّا من التجاذبات والانقسامات الدائمةداخل المجالس الجماعية.

في ظل هذا الوضع، تتجه وزارة الداخلية، حسب معطيات متداولة، إلى مراجعة هذا النمط الانتخابي، من خلال الرفع من العتبة أو تعديلها، لتمكين عدد من الجماعات، التي فشل فيها نظام الاقتراع الفردي، من العودة إلى نظام اللائحة، خصوصًا تلك التي أبانت عن عجز كبير في تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية المتوازنة.

ويأمل المتتبعون للشأن المحلي أن تُفضي هذه المراجعات إلى إعادة الاعتبار للتمثيلية الحزبية الفعلية، وتحسين أداء المجالس الجماعية، خاصة في المدن التي تتوفر على إمكانات تنموية واعدة لكنها ظلت رهينة اختلالات في الحكامة السياسية