‎من مذكرات المنصوري.. حينما رفض الراحل الحسن الثاني بناء قصر بالناظور بسبب ضريح مهجور لولي صالح

Nador

الأخبار55 - مراسلة

أصدر المكلف بمهمة بالديوان الملكي بنعلي المنصوري، مؤخرا، مذكراته التي عنونها بـ “خطواتي على درب الزمن”.

بنعلي المنصوري هو مكلف بمهمة بالديوان الملكي برتبة وزير ، وهو شقيق ميمون المنصوري القائد السابق للحرس الملكي ، ومصطفى المنصوري سفير المملكة الحالي بالسعودية.

المنصوري بنعلي، شغل عددا من المناصب الحكومية خلال عهد الحسن الثاني منها وزير السياحة في حكومة أحمد عصمان، ووزيرا للشؤون الإدارية والوظيفة العمومية، ثم وزيرا للنقل، قبل إلحاقه بالديوان الملكي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني وهي المهمة التي ما زال يتقلدها حتى الآن.

بنعلي المنصوري، يكشف في مذكراته التي نشرناها على الموقع في نسختين الرقمية والعادية ، كيف أن الملك الراحل الحسن الثاني ، رفض هدم قبر ولي صالح بالناظور لبناء القصر الملكي.

و يقول بنعلي المنصوري في مذكراته : ” كان الملك الحسن الثاني في بداية سنوات الستين من القرن الماضي يتخذ من مدينة طنجة مقرا لقضاء عطلته الصيفية ، وكان يطلق عليها العاصفة الصيفية و دار في خلدي هذا السؤال : لم لا تكون لجلالته إقامة أخرى في مدينة الناظور”.

و يسرد بنعلي كيف تحين الفرصة لمفاتحة الملك الراحل لبناء قصر بالناظور ليكون مستقرا له خلال زياراته لمنطقة الريف، ليرد عليه الحسن الثاني بالقول : “إن زياراتي لمنطقة الريف ليست منتظمة و لذلك لم أحرص على بناء قصر هناك”.

بنعلي المنصوري، يضيف أنه رد على الملك الراحل بالقول : “إن وجود قصر ملكي في منطقة الريف له دلالته الرمزية العميقة و قد سبق يا صاحب الجلالة أن بنى أحد أجدادكم من الملوك العلويين قصرا بالمنطقة في اقليم الناضور فلماذا لا يكون لجلالة الملك قصر في نفس المنطقة ؟ بدا نوع من الاهتمام من طرف جلالته”.

lg.php.gif

و يقول المنصوري : “كنت على علم بوجود منطقة في مدينة الناضور على درجة عالية من الجمال الطبيعي بإطلالتها على البحر من جهات ثلاث ، وهي شبه جزيرة يطلق عليها سكان المدينة “الكدية” وتقع داخل بحيرة الناظور المسماة مارتشيكا اتصلت بصديقي الجنرال حسني بنسليمان وطلبت منه أن يزودني بصورة ملتقطة من الجو لذلك الموقع. و بمجرد توصلي بالصورة المطلوبة عرضتها على جلالة الملك فأمرني أن أصحب معي المهندس المعماري الفرنسي ميشال بانسو للوقوف على ذلك الموقع في عين المكان. رافقني المهندس الفرنسي إلى إقليم الناضور دهش الجمال المكان المطل على البحر، وتُرى منه مدينة مليلية عن اليسار، ومدينة الناضور عن اليمين، وبينهما البحر الأبيض المتوسط والبحيرة مارتشيكا”.

و يضيف بنعلي المنصوري : “عدنا إلى الرباط، وقدم السيد بانسو رأيه حول الموقع، مبدياً إعجابه بما رأى ! فأمره جلالة الملك بأن يشرع في التفكير لوضع اقتراحات للتصاميم التي تصلح للبناء في تلك المنطقة.


هناك أمر حصل في ذلك الموقع، حينما كان المهندس «پانسو» يصحبني . ماذا حصل ؟ حينما كنا داخل ذلك المكان، وكان خاليا لا يرتاده أحد، فإذا بي أرى شخصا في زاوية بعيدة، وحينما تقدمنا في سيرنا، ناديت عليه، وسألته إن كان ساكنا في هذا الموقع ؟ فبسط أمامي سبب وجوده هناك. لقد أخبرني بوجود ضريح قديم لولي صالح، في إحدى زوايا المكان الذي نوجد فيه، وأنه يقوم بما تتطلبه شؤون ضريح هذا الولي، من حراسة وعناية إلخ… ثم سألته إن كان التردد على زيارة هذا الضريح القديم كبيراً ؟ فجاء جوابه بأن تلك الزيارات، لا تتم إلا في حدود ضيقة جدًّا.”

وزاد المنصوري في مذكراته يقول “أخذتُ الأمر في الاعتبار، حتى إذا انتهى حديث جلالة الملك مع المهندس پانسو، وإخباره بالشروع في وضع تصاميم القصر المزمع بناؤه، تقدمت إلى جلالته وخاطبته بقولي: إذا سمح جلالة الملك، فإنني أرغب في إضافة شيء ما إلى هذا الموضوع. أفسح لي الملك مجال القول، فأطلعته على ما من وجود ضريح قديم لولي صالح في المكان المقترح لبناء القصر الملكي وأنه يوجد على حدود الكذية بحيث لا يسبب أي مانع لبناء القصر ! ما أن سمع جلالة الملك بوجود ضريح ولي صالح، حتى أمرني – رحمه الله – بصرف النظر عن بناء القصر في ذلك المكان الذي ارتأى جلالته أن يبقى محتفظا بإهابه الروحي، مجللاً بذلك النفس الديني الذي يُخيم على المكان”.

و يقول المنصوري ، أن ما صدر عن الملك الحسن الثاني في هذا الموقف “لم يكن أمراً مفاجئاً لي، لما أعرف عن جلالته ويعرفه المغاربة كذلك، من تشبعه بتلك الروحانية العميقة التي نلمسها جميعا في مظاهر عديدة من حياة أمير المؤمنين”.

مضيفا : ” حينما لاحظ جلالة الملك تشبئي بأن يقام له قصر في إقليم الناضور، يكون له إقامة ملكية، حينما منطقة يزور الريف، خاطبني بقوله، رحمه الله: ابحث لي عن مكان آخر في الإقليم لبناء ذلك القصر ! أما الموقع الكدية الذي صرف جلالة الملك النظر عنه، فقد أصبح فيما بعد فضاء للمشروع السياحي «مارتشيكا».

“حينما أمرني جلالته بالبحث عن مكان آخر ليكون بديلاً عن السابق، شعرت بأن رغبة الملك الحسن الثاني في بناء قصر ملكي في الناضور ما تزال قائمة. ولم يطل بحثي عن المكان البديل، فقد وجدتُ أرضاً خالية قبالة الموقع السالف، وبطل كذلك على البحر. صحبت معي المهندس المعماري «پانسو»، ليرى ما وقع عليه اختياري. أعجب كذلك بالموقع الجديد. وبعد موافقة جلالة الملك، أعطيت الأوامر لوضع التصاميم والشروع في بناء القصر الملكي. وسارت الأشغال بإيقاع سريع، وقطع التشييد أشواطا كبيرة… وشاءت الأقدار أن يتوقف البناء حيث أدركت الوفاة الملك الحسن الثاني، وانتقل إلى جوار ربه، تغمده الله بواسع رحمته. وبعد أن اعتلى جلالة الملك محمد السادس العرش، كان تردّده على إقليم الناضور ومناطقها المجاورة متعدداً. اغتنمتُ إحدى المناسبات لأذكر جلالة الملك بأن القصر الملكي في هذه المدينة لم يكتمل بناؤه، وأن ما تبقى لا يشكل إلا قسطا بسيطاً من البناء الكلي. فأعطى، حفظه الله، تعليماته لإكمال التجهيز. وهكذا أصبح إقليم الناضور يتوفر على قصر ملكي” يورد المنصوري في مذكراته.

لماذا ألح المنصوري على وجود قصر ملكي للملك الحسن الثاني في منطقة الريف، وفي إقليم الناضور بالضبط ؟

يجيب المنصوري بنعلي بالقول : “بالإضافة إلى جمالية الموقع المختار – موقع مارتشيكا الحالي وتهييء فضاء للعطلة الصيفية للملك، كنت أعلم أن هذه الإقامة الملكية ستخلق حركة دائبة في المنطقة على مستويات متعددة. فبمجرد الشروع في بناء القصر الملكي، ستتحرك مختلف مصالح الوزارات، فيمس الإصلاح بنيات أساسية، كالطرق، وشبكة تو لة توزيع الماء والكهرباء، والمؤسسات التعليمية والصحية، ومشاريع سياحية وغيرها، كما أن مجال التشغيل سيعرف حركية كبيرة، فضلا عما سيجلبه هذا المشروع من استثمارات إلى المنطقة.”

إقرأ أيضا

شارك الخبر :

أضف تعليقك أو رأيك

أخبار ذات صلة >

وضع 33 شخصا ضمنهم 22 سيدة تحت الحراسة النظرية ضبطوا داخل مركز للتدليك

تأجيل محاكمة البرلماني محمد أبركان إلى مارس 2025 بسبب طارئ صحي

تفكيك شبكة للتهريب الدولي للمخدرات بميناء بني أنصار وحجز 375 كيلوغرامًا من الشيرا

وزارة الصحة تعلن عن 5 مناصب شاغرة لاطباء الاختصاص بالناظور 2 منها بالعروي: هل ستُملأ المناصب الشاغرة رغم قلة الأرقام؟