تعد المعارضة داخل المجالس المنتخبة مثابة العمود الفقري للديمقراطية ، نظرا لدورها المحوري والفعال في البرامج المعدة للنقاش والتداول، فوجودها ضرورة ملحة لضمان مراقبة المجالس وللحيلولة دون تبني الرأي الواحد ، ولتكريس التنوع كمظهر من مظاهر التعددية السياسية
ولعل ما تمر به المعارضة داخل جماعة العروي في الوقت الراهن من تحديات كالضعف وفقدان البوصلة والتيه وعرقلة المدينة والاختلال يستدعي من الدارسين والمهتمين فحص نقاط الضعف التي تعرقل فاعليتها وتعيق تحولها لمعارضة قوية داخل المجلس تصحح الاختلالات وتنبه لها الى معارضة تعرقل التنمية ، باعتبار أن فهم مكامن نقاط الضعف خطوة أولى لتحقيق التأثير المرجو ، وفيما يلي استعراض لنقاط ضعف المعارضة :
الاختلال البنيوي : تعاني المعارضة داخل جماعة العروي من اختلال بنيوي على صعيد الأفكار والنظم والهياكل، ففي معظمها كيانات وتكتلات الشخص الواحد متعددة الانتماءات والمصالح ، وهدفها الاساسي هو ابتزاز الرئيس ومكتبه في الدرجة الاولى عبر جميع السبل المتاحة ولو على حساب المصلحة العامة وهو مايتجلى في مقاطعتها لدورات المجلس وليس ممارسة دورها الاساسي وهو الرقابة
غياب مشروع سياسي معارض جدي ؛ فالمعارضة بجماعة العروي ليس لها اي مشروع سياسي موحد فهم مجموعة من الاشخاص ينتمون لتيارات حزبية مختلفة جزء منهم في الاغلبية والجزء الاخر في المعارضة لا مبدء حزبي او سياسي لهم تكتلهم الحالي هو ضرفي فقط حسب المصلحة والضغط على الرئيس ومكتبه لتقديم عروض لهم لضمهم اليهم واعطاء صلاحيات لهم لقضاء مأربهم فقط
افتقاد المعارضة المعارضة للديمقراطية داخل جدران أحزابها : فقادة المعارضة المحليين يستبدون بقرراتهم ولا يمارسون الفعل الحزبي المومأسس في إتخاذ القرارات بينهم الا على أساس المصالح الذاتية؛ ولذا فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فمن باب أولى أن تحقق المعارضة أولا الديمقراطية الحقيقية داخل أحزابها ثم بعد ذلك، تطالب بالديمقراطية داخل المجالس المنتخبة
غياب رؤية للمعارضة للتعامل مع الأزمات، فكل صفوف المعارضة منشقة على نفسها، وفي حالة ضعف عام نتج عنه تشتت وانقسام وإجهاد يتزايد مع مرور الوقت؛ فضلا عن الخلافات والتخوينات بين الأطراف المختلفة المشكلة للمعارضة، بل وفي داخل كل طرف، مما جعل المعارضة داخل المجلس الجماعي للعروي في أسوأ مراحلها كما الآن، ولم تقتصر أزمة المعارضة في ذلك فقط، بل تعمقت بانعدام الثقة بين أطرافها
عجز القوى المعارضة الصاعدة والمنشقة عن الاغلبية عن ملء الفراغ : فلا زعامة المعارضة السابقة والحالية استطاعت أن تكون بديلا ولا حلا ، كما عجزت عن التنسيق بين مختلف المعارضين داخل المجلس بمختلف تلاوينها للعمل على قضايا محددة تهم المواطنين مما من شأنه أن يعيد للمعارضة توافقها وتحالفها ضد المولاة وتحالفاتها وسياساتها ، ويبني الثقة بين مكوناتها، ويعيد تدريجيا لها الثقة الشعبية.
غياب القيادة المعارضة : فإلى الآن المعارضة داخل جماعة العروي تتحرك بدون رأس، وجسدها مخدر، وبذلك حركيتها وفاعليتها متوقفة ، فلا توجد معارضة فاعلة بدون قيادة فاعلة قادرة على إدارة دفة العمل السياسي المعارض واقتناص الفرص والبحث عن بدائل
غياب المعارضة ككيان واضح محدد له برامج وقيادات وتصورات في إدارة المرحلة أو الاعتراض على السياسات المنتهجة من طرف الاغلبية ، وتحولها لمجرد تسمية مؤسسة المعارضة التي لا وجود لها إلا بالإسم ، وعلى أرض الواقع فقعات سرعان ما تذهب أدراج الرياح
غياب مشروع التغيير المعارض : حتى الآن القوى المعارضة الراهنة لا تحمل مشروعا للتغيير، وتكتفي برد الفعل على ما تفعله الاغلبية ، هذا رد الفعل أصبح الموجه لبوصلتها، فهو من يحدد المبادرات وآليات التعاطي معها.
احتراق المعارضة : منذ انتهاج المعارضة “سياسة الصراخ ومقاطعة الدورات ” في ظل تصاعد وتأزم أوضاع المواطنين ، سقطت من أعين المواطن بسبب صمتها على سوء أوضاعهم والصراخ من اجل المصالح الشخصية ، وفقدت المصداقية لدى قطاع عريض من المواطنين ، وبالتالي احترقت ولم تعد تمثل أملا لدى أي مواطن، وفقدت بذلك الفاعلية والحركة والقدرة على التأثير، بل إن رجل الشارع يسأل اليوم ما هو الفرق بين المعارضة والاغلبية
ضعف تأثير المعارضة على الشارع : بسبب موتها السريري وشللها النصفي ، فلا هدف للمعارضة الراهنة على ما يبدوا سوى المشاركة في الانتخابات فقط والمناصب داخل المجلس، بدون أن تمتلك برنامج ورؤية ومشروع هادف يخدم المواطن المحلي
وبناءا على ما سبق تبقى المعارضة داخل جماعة العروي قاصرة عن الاستيعاب العميق للواقع السياسي الراهن فبغض النظر عن الظروف الذي تواجهها فإنها ملزمة بإدراك الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي للمدينة ككل ، حتى وإن حاولت تبديل جلدها ، وهي بالمختصر ساهمت ولو بشكل غير مباشر في تدمير الحياة السياسية والقضاء على كل أشكال المعارضة ، مما يتطلب منها أن تنتج عمل مسرحي جديد يستوعب الطابع السياسي المتغير والعصي !
المعارضة بالعروي اصبحت في كل دورة من دورات المجلس تنهج سياسة الصراخ والقيام بمسرحيات وفي بعض الاحيان الخروج ببيانات محتشمة لا ترقى للفعل السياسي ، بدون تقديم اي اجابة شافية حول الاختلالات التي تعيشها المدينة على كل المستويات، بل الاكتفاء بالعويل والصراخ واتهام المكتب المسير والرئيس بالفشل ، في المقابل ان المعارضة في حد ذاتها فاشلة لانها لم تقدم الى حدود الساعة اي مشروع سياسي تنموي مغاير