مشروع قانون أمريكي يصنف “البوليساريو” كمنظمة إرهابية ويدفع نحو إعادة رسم ملامح النزاع في الصحراء

في تحوّل غير مسبوق في الموقف الأمريكي من قضية الصحراء المغربية، تقدّم نائبان من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بمشروع قانون إلى الكونغرس يصبو إلى تصنيف جبهة “البوليساريو” كمنظمة إرهابية أجنبية. يستند هذا المشروع إلى معطيات أمنية وسياسية تتهم الجبهة بتلقي الدعم من أطراف تعتبرها واشنطن راعية للإرهاب، مثل إيران و”حزب الله”، مما يهدد أمن شمال إفريقيا ويمنح خصوم أمريكا الإقليميين موطئ قدم استراتيجي بالمنطقة. المبادرة تأتي في سياق تزايد التوترات الجيوسياسية، وسط توجه أمريكي لتجفيف منابع الإرهاب وتعزيز الاستقرار بالساحل والصحراء، ما يعزز مكانة المغرب كحليف راسخ لواشنطن.

المقترح الذي يحمل عنوان “قانون تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية” يرسم ملامح تحول استراتيجي في تعاطي الولايات المتحدة مع الملف، إذ يفتح الباب أمام سلسلة من العقوبات المحتملة ليس فقط على “البوليساريو”، بل أيضا على الداعمين لها، وفي طليعتهم الجزائر. كما يضع المشروع الجبهة في نفس الخانة القانونية لمنظمات مثل “داعش” و”القاعدة”، ما يعني تجميد الأصول، والملاحقات الدولية، وقطع سبل التمويل. وفي خطوة غير معهودة، يربط واضعو المشروع دعم الجبهة بإيران و”حزب الله”، مما يُدخل الجزائر في دائرة انتقادات حادة على الصعيد الدبلوماسي، ويضع علاقتها بعدد من الشركاء الغربيين على المحك.

المبادرة الأمريكية لا تقف عند حدود الضغط السياسي، بل تعكس دعماً صريحاً ومتعاظماً للمغرب في مساعيه لحسم قضية وحدته الترابية، مستندة إلى دور المملكة المتصاعد في محاربة الإرهاب والهجرة، وتعزيز الشراكة الأمنية والاقتصادية عبر إفريقيا. وإذا ما تم إقرار المشروع، فسيكون بمثابة نقطة تحوّل حاسمة نحو طي واحد من أقدم النزاعات في القارة، لترجيح كفة الحل الواقعي الذي تقوده الرباط، في ظل تعاظم عزل المشروع الانفصالي وتآكل مصداقيته على الساحة الدولية.