محكمة الاستئناف بالناظور تحتضن يوماً دراسياً حول العقوبات البديلة في ضوء القانون 43.22
احتضنت قاعة الندوات بمحكمة الاستئناف بالناظور، يومه 25 يونيو 2025، يوماً دراسياً تحت شعار: “العقوبات البديلة في ظل القانون رقم 43.22”، وذلك بمشاركة واسعة من مختلف الفاعلين في منظومة العدالة، وبحضور شخصيات قضائية وإدارية بارزة. وقد شكل هذا اللقاء العلمي مناسبة لتدارس مستجدات القانون الجنائي الجديد، وتحديد آفاق وإكراهات تنزيل العقوبات البديلة كأداة حديثة تهدف إلى عقلنة السياسة العقابية بالمغرب.
عرف اللقاء حضور كل من السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالناظور، والسيد الوكيل العام للملك لديها، إلى جانب السادة رؤساء المحاكم الابتدائية بالناظور والدريوش، وعدد من القضاة وقضاة تطبيق العقوبات، وموظفي كتابة الضبط، وممثلي المؤسسات السجنية، وكذا هيئة المحامين بالناظور والحسيمة، إضافة إلى بعض الفاعلين المدنيين والإداريين المهتمين بمجال العدالة الجنائية وتنفيذ العقوبات.
في كلمته الافتتاحية، شدد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالناظور على الأهمية البالغة لهذا اللقاء، معتبراً أن العقوبات البديلة تمثل ثورة في مفهوم العدالة الزجرية، حيث تفتح المجال أمام تدابير أكثر نجاعة وإنسانية، توازن بين الزجر والتأهيل، وتساهم في تخفيف العبء عن المؤسسات السجنية التي تعاني من الاكتظاظ. كما أكد على ضرورة انخراط جميع الفاعلين في تنزيل هذا الورش القانوني الجديد بما يخدم المصلحة العامة.
من جانبه، أشار السيد الوكيل العام للملك إلى أن اعتماد العقوبات البديلة يتطلب مقاربة متكاملة، تشمل تهيئة الأرضية القانونية، وتوفير الوسائل التنفيذية، إلى جانب التكوين المستمر للقضاة وأطر النيابة العامة والمصالح المعنية، مبرزاً أن القانون رقم 43.22 يكرس بعداً إصلاحياً حقيقياً يسعى إلى تقليص العقوبات الحبسية قصيرة المدة، وتعويضها بتدابير إصلاحية مثل العمل لفائدة المنفعة العامة، والغرامات اليومية، والمراقبة القضائية، وغيرها.
وقد عرف اليوم الدراسي تقديم سلسلة من المداخلات التي عكست غنى وتعدد زوايا النظر إلى موضوع العقوبات البديلة. حيث تناول مدير السجن المحلي بسلوان أهمية هذا النوع من العقوبات في تخفيف العبء عن المؤسسات السجنية، وضرورة التنسيق الوثيق مع النيابة العامة وقضاة تطبيق العقوبات لتفعيلها. بينما استعرض نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالناظور الإطار القانوني للعقوبات البديلة، وأبرز التحديات التي قد تعترض النيابة العامة في تكييف الحالات المشمولة بها.
كما قدم قاضي تطبيق العقوبات بالمحكمة الابتدائية بالدريوش عرضاً حول الإشكالات العملية المتعلقة بتنفيذ هذه العقوبات، مشدداً على أهمية تكوين القضاة المكلفين بهذا الملف وتحديد آليات تتبع تنفيذ العقوبة البديلة. في حين ركز رئيس المحكمة الابتدائية بالناظور على ضرورة إشراك باقي المتدخلين المؤسساتيين، مثل الجماعات الترابية والمؤسسات الاجتماعية، لتأمين فضاءات ملائمة لتطبيق العمل لفائدة المنفعة العامة. ومن جهته، نوّه ممثل هيئة المحامين بالناظور والحسيمة بأهمية المقاربة التشاركية، مشدداً على أن المحامي شريك في تفعيل هذا الورش الإصلاحي من خلال التأطير والمواكبة القانونية للمحكوم عليهم.
وقد تميز اللقاء بنقاش تفاعلي غني بين الحاضرين، حيث تم طرح عدد من التساؤلات والاقتراحات الرامية إلى تحسين شروط تنفيذ العقوبات البديلة وضمان فعاليتها، سواء على المستوى القانوني أو المؤسساتي.
وفي ختام هذا اليوم الدراسي، خلص المشاركون إلى مجموعة من التوصيات، من أبرزها: ضرورة توفير الموارد البشرية المتخصصة، وتكثيف التكوين المستمر للقضاة وأطر النيابة العامة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين مكونات العدالة الجنائية وباقي القطاعات ذات الصلة، من أجل تنزيل سليم وفعّال لمضامين القانون رقم 43.22، في أفق تحقيق عدالة أكثر نجاعة، وإنصافاً، ومرونة في معالجة القضايا الجنحية.
أضف تعليقك أو رأيك