في خطوة غير مسبوقة، أصدر مجلس علماء مسلمي بلجيكا فتوى تقضي بـتعليق شعيرة ذبح الأضاحي لعيد الأضحى لهذه السنة، وذلك عقب دراسة دقيقة لأوضاع السوق والظروف الصحية والاقتصادية التي يمر بها البلد، خصوصًا في ظل تفشي مرض اللسان الأزرق (BTD) وارتفاع أسعار الأضاحي بشكل جنوني.
وأكد المجلس في بلاغ رسمي أن شعيرة الأضحية تعد واجبًا دينيًا مهمًا على القادرين، وعبادة تحمل في طياتها معاني التضحية والتكافل مع الفقراء، إلا أن مقاصد الشريعة تدعو إلى التيسير ورفع الحرج عن الناس، انطلاقًا من قاعدة “يسروا ولا تعسروا”.
وأضاف المجلس أن السوق البلجيكي يعرف حاليًا نقصًا كبيرًا في الأغنام والأبقار نتيجة تفشي المرض، في مقابل ارتفاع شديد في الطلب بمناسبة عيد الأضحى، وهو ما تسبب في ارتفاع مهول في الأسعار، جعل العديد من المسلمين غير قادرين على توفير الأضحية دون الوقوع في ضغوط مالية خانقة.
وبحسب الفتوى، فإن الاشتراك في بقرة واحدة بين سبع أسر يظل خيارًا جائزًا في الشريعة الإسلامية، لكنه ليس حلاً عمليًا في ظل ندرة الأبقار وغلاء أسعارها أيضًا. وأشار المجلس إلى أن الإسلام لا يُلزم المسلم بما يفوق طاقته، مستدلًا بقوله تعالى: “لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (البقرة: 286).
ودعا مجلس علماء مسلمي بلجيكا عموم المسلمين في البلاد إلى عدم الشعور بالذنب إذا لم يتمكنوا من أداء الأضحية هذا العام، مشددًا على أهمية عدم الاقتراض أو الدخول في مضاربات تؤجج الأسعار، مع الحث على أشكال بديلة من التضامن والصدقة، مثل المساعدات الغذائية ودعم الفئات المحتاجة.
وتأتي هذه الفتوى في ظل سياق عالمي متغير، تعيد فيه المؤسسات الدينية النظر في الأحكام المرتبطة بالعبادات وفقًا للظروف الواقعية، مع الحرص على حماية مصلحة المسلمين والحفاظ على جوهر العبادة دون تعسير أو مشقة
أضف تعليقك أو رأيك