مع مرور نصف ولاية مجلس جماعة العروي، شهدت هذه الفترة تحديات جمة وتغيرات في القيادة أثرت على سير العمل التنموي والمشاريع المبرمجة في المدينة. وقد مرت الجماعة بمرحلتين مميزتين منذ انطلاق الولاية، بدأت بتولي السيد محمد أبو السعود رئاسة المجلس، الذي يعد من أعيان قبيلة بني بويحيي، حيث أطلق دينامية جديدة ونهج سياسة الأبواب المفتوحة، كما فعّل قنوات تواصل مباشرة مع الساكنة والفاعلين المحليين.
مرحلة أبو السعود: بداية مفعمة بالحيوية والمشاريع
عند انتخابه، استطاع أبو السعود إضفاء روح جديدة على عمل المجلس، وعُرفت فترته بانفتاح على المواطنين وسعي جاد لإنجاز عدد من المشاريع التي صادقت عليها أول دورة برسم عام 2022. وشملت الميزانية مشاريع تخص إنشاء مقر للوقاية المدنية، وإصلاح الطرق، وتجهيز مقر جديد للجماعة، وشراء معدات لتحسين الخدمات. غير أن هذه الدينامية سرعان ما تعثرت بسبب عدم توفر أغلبية مريحة لدعمه وايضا عرقلة ادارية داخلية وبدأت الصراعات الداخلية تبرز في الساحة.
واجه أبو السعود صعوبات في تسيير شؤون المجلس مع تعاظم العراقيل السياسية والادارية، وأصبحت التحديات اليومية عبئاً يثقل كاهله، مما دفعه إلى اتخاذ قرار الاستقالة. برر أبو السعود انسحابه برغبته في استعادة وقت إضافي لعائلته وأعماله، بالإضافة إلى حاجته للراحة بعيداً عن ضغوط العمل الجماعي.
مرحلة المنصوري: بداية جديدة في ظل تحديات قديمة
بعد استقالة أبو السعود، جرت انتخابات جديدة، اختير فيها السيد بنعبد الله المنصوري رئيساً للمجلس، بالرغم من تردده في البداية. وجاء هذا الاختيار بعد ضغوطات وتحفيزات من عدة جهات، ليقبل المنصوري تحمل المسؤولية التي تردد العديد في توليها. انتخب المنصوري رئيساً، وتم تكوين مكتب جديد من أجل استئناف العمل البلدي. لكن التحديات لم تتوقف، إذ عادت الصراعات السياسية والادارية إلى الواجهة، حيث سعى العديد من الأعضاء للانضمام إلى المكتب المسير، الأمر الذي لم يكن ممكناً بسبب محدودية المناصب المتاحة.
هذا الخلاف أدى إلى تحول بعض أعضاء الأغلبية إلى صف المعارضة، مما أوجد ضغطاً إضافياً على الرئيس الجديد. لكن المنصوري وأعضاء مكتبه استمروا في مواجهة هذه التحديات، وقرروا التركيز على تحقيق مصالح المواطنين والارتقاء بالبنية التحتية. أطلق المجلس خلال هذه الفترة مشروعاً لتحسين الإنارة العمومية، وترقيم الأحياء، وشراء معدات جديدة. كما وضع خطة لمتابعة المشاريع المتعثرة، وواصل عقد اللقاءات مع مختلف الفاعلين لدفع عجلة التنمية في المدينة، بالرغم من كل العراقيل السياسية والادارية
التحديات والصراعات.. ظاهرة مشتركة في إقليم الناظور
تعد جماعة العروي جزءاً من مجموعة جماعات في إقليم الناظور تعاني من صعوبات مماثلة، حيث يشهد معظمها صراعات سياسية تؤثر على أداء المجالس وتعرقل تنفيذ المشاريع المبرمجة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة في برمجة مشاريع تنموية خلال نصف الولاية، إلا أن القليل منها تم تنفيذه حتى الآن، وهو ما يعكس ضعف الحصيلة التنموية في أغلب جماعات الإقليم.
وينتظر سكان العروي النصف الثاني من الولاية بآمال كبيرة، راجين أن يكون محطة لإنجاز المشاريع المتعثرة وتحقيق طموحات الساكنة في تحسين الخدمات. تتطلع الساكنة إلى رؤية نتائج ملموسة تُحدث فرقاً في حياتهم اليومية وتساهم في تنمية المدينة، وهو التحدي الذي يبقى قائماً أمام المجلس الحالي، وسط الآمال بقدرة المنصوري وفريقه على التغلب على الصعوبات وتحقيق تطلعات المواطنين.