تحوّلت مدينة سلوان، الواقعة في قلب إقليم الناظور، خلال السنوات الأخيرة، من بلدة هادئة إلى نقطة سوداء تستقطب مختلف مظاهر الانحراف والإجرام، حتى باتت توصف اليوم بـ”غرزة” التي تتجمع فيها كل أنواع الشوائب الاجتماعية والخارجين عن القانون، في ظل غياب جهاز أمني كافٍ قادر على تأمين تغطية ميدانية دائمة ومراقبة دقيقة للحركية اليومية المتزايدة بهذه الرقعة الجغرافية الحيوية
فعلى الرغم من الجهود الأمنية النوعية التي تقوم بها الشرطة القضائية بالناظور والعروي، بتنسيق مستمر مع عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني “الديستي”، فإن الوضع الأمني في سلوان يظل مقلقًا، ويتطلب حلاً بنيويًا عاجلًا، يتمثل أساسًا في إحداث مفوضية شرطة دائمة بالمدينة.
جميع العمليات الأمنية الكبرى الأخيرة، سواء تلك المرتبطة بتفكيك شبكات ترويج المخدرات القوية، أو اعتقال مبحوث عنهم في قضايا خطيرة، أو حتى محاربة أوكار الفساد والدعارة، كانت سلوان إما مسرحًا لها أو نقطة انطلاق لها. وهذا ما تؤكده المعطيات الميدانية التي حصلت عليها جريدة الأخبار55، حيث تعتبر سلوان اليوم ملتقى لعدد من الأفراد المبحوث عنهم، و”سوقًا مفتوحة” للأنشطة غير المشروعة بمختلف أصنافها
ولعل آخر هذه العمليات الأمنية الناجحة، تلك التي جرت خلال الأسبوع الأخير، والتي أسفرت عن توقيف زعيم شبكة إجرامية خطيرة تنشط في ترويج الكوكايين بسلوان بعد تنسيق محكم بين مصالح الشرطة القضائية وجهاز “الديستي
تشهد سلوان نموًا ديمغرافيًا وعمرانيًا سريعًا، وتحولت إلى منطقة عبور واستقرار لعشرات الآلاف من السكان، لكنها لا تزال تحت إشراف مصالح الدرك الملكي، وهو ما يطرح إشكالًا كبيرًا في التغطية الأمنية، بحكم اختصاصات وحدود هذا الجهاز مقارنة مع خصوصيات المدينة الحالية التي باتت تستدعي مؤسسة أمنية حضرية قادرة على التتبع اللحظي والشامل لكل تفاصيل الحياة العامة
الواقع الأمني الذي تعيشه سلوان لم يعد يسمح بالاكتفاء بالحلول الأمنية الظرفية أو التدخلات الاستباقية الموسمية. فبالرغم من الجهود المشكورة التي تُبذل، إلا أن حجم التحديات وطبيعة التهديدات التي باتت تنبع من هذه المدينة، تستوجب من السلطات الإقليمية والمركزية الإسراع بإحداث مفوضية شرطة خاصة بسلوان، وتجهيزها بما يلزم من أطر ووسائل لوجستيكية وتقنية
إن مدينة تتسع بهذا الشكل، وتُنتج هذا الكم من القضايا الإجرامية المعقدة، لا يمكن أن تظل بدون جهاز أمني ميداني نشيط، فالأمر لا يتعلق فقط بحماية سلوان وساكنتها، بل بتأمين الإقليم بأكمله، خاصة أن أغلب الموقوفين والمبحوث عنهم يتخذون من المدينة مخبأ أو نقطة انطلاق لنشاطهم الإجرامي.
سلوان اليوم، في قلب إقليم الناظور، تتحول تدريجيًا إلى “نقطة سوداء” أمنية، رغم الجهود الأمنية المتكررة. لكن هذه الجهود لا يمكن أن تعوض غياب مؤسسة أمنية حضرية مستقرة. ولذلك، فإن المطالبة بإحداث مفوضية شرطة دائمة بسلوان لم تعد ترفًا إداريًا، بل أصبحت ضرورة ميدانية لضبط الوضع الأمني وحماية السلم المجتمعي بسلوان والجماعات المجاورة لها
أضف تعليقك أو رأيك