أعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن “إدانته استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، اتجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان”، وتساءل ذات المجلس عن “أسباب لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة”، على حد بيان جرى تعميمه.
وفي ذات السياق، أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضمن بيانه، توصل موقع “اقتصادكم” بنسخة منه، أن “ما تعرض له الضحايا يعد انتهاكاً جسيما لحقوق الإنسان وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة، وهو حق مطلق، يتوجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات”، خاصة أن الضحايا “كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها”، فيما لم يفت المجلس التذكير بأن “إنقاذ حياة إنسان في البحر يعتبر مبدأ أساسيا في القانون الدولي لا يحتمل التقييد ويسمو على جميع الاعتبارات الأخرى”.
وارتباطا بالموضوع، أبرز المجلس الوطني “أن الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية يعد انتهاكا خطيرا للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار، سيما منها مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة، فاتح نونبر سنة 1974 والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المعتمدة في 27 أبريل 1979 كما تم تعديلها في 2004 وخاصة الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلا عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 دجنبر 1982”.
وبينما شدد على “الحق المشروع لأسرة السيد عبد العالي مشيور في استلام جثمانه، حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب”، أعرب المجلس الوطني عن “استغرابه حيال السرعة التي طبعت “محاكمة” السيد إسماعيل الصنابي، التي تقرر إدانته بثمانية عشر شهرا”، كما زاد فشدد على “مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية”، مع إعلان المجلس عن مواصلة “متابعته حق الناجي السيد محمد قيسي وأسر الضحايا في الانتصاف والولوج إلى العدالة”.
وإلى جانب “تسجيله قرار النيابة العامة” ودعوته لها إلى “نشر نتائج التحقيقات التي ستتوصل إليها”، لم يفت المجلس الوطني لحقوق الإنسان التأكيد على أنه “راسل، في سياق الفاجعة، المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر، من أجل العمل على تمتيع اسماعيل الصنابي، الموجود رهن الاعتقال بالجزائر بكافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية، والسماح لملاحظين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية”، وفق نص البيان الذي تم تعميمه على الرأي العام الوطني والدولي.
وصلة بملف القضية، أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبر بيانه، أنه “سيواصل المجلس تتبعه عن كثب لتطورات هذه الفاجعة وإعمال قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعاير الدولية في كل ما يرتبط بها، صونا للعدالة وللحقوق الجوهرية للضحايا وأسرهم في الانتصاف”، مع ضرورة الإشارة إلى أن وفدا من المجلس كان قد تقدم، باسم رئيسة المجلس وأمينه العام، وكافة أعضائه وأطره، ب “واجب العزاء وخالص المواساة والدعم لأسر هذه الفاجعة الأليمة”، وفق نص البيان.
وقد استهل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بيانه بملف “فاجعة حدود المياه الإقليمية بالسعدية، التي استعملت فيها قوات خفر السواحل الجزائرية الذخيرة الحية، مساء يوم الثلاثاء 29 غشت 2023، والتي خلفت وفاة شابين مغربين والمس بحقهما في الحياة، (جثمان أحدهما لا يزال موجودا بالجزائر)، وأحدثت مسا خطيرا بالسلامة الجسمانية لشاب ثالث، لازال في غرقة الإنعاش بوجدة، واعتقال شاب مغربي، تقررت إدانته بثمانية عشر شهرا”.
وأشار المجلس كذلك أن “قيام وفد من اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق، يضم محمد العمارتي، رئيس اللجنة وعدد من أعضائها وطاقمها الإداري، بتكليف من رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قصد تجميع المعطيات والتقاطعات الموضوعية، والاستماع للناجي، محمد قيسي، ولأفراد أسرة الضحية بلال قيسي، الذي ووري جثمانه الثرى بالمغرب، وأسرة الضحية عبد العالي مشيور، الذي ما زال جثمانه موجودا بالجزائر.