في خطوة وُصفت بالنموذجية على صعيد إقليم الناظور، حقق السوق النموذجي بمدينة العروي نجاحًا لافتًا على مستوى تنظيم الفضاءات التجارية العشوائية، حيث تمكنت السلطات المحلية بتنسيق مع جماعة العروي من كسب رهان طالما بدا مستعصيًا في مدن أخرى كسلوان، زايو، الناظور المدينة، وعدد من الجماعات بالإقليم.
هذا النجاح يعود أساسًا إلى مقاربة واقعية وتشاركية، اعتمدت على توفير بديل فعلي للباعة المتجولين، في سوق مجهز بمرافق ملائمة يراعي كرامة التاجر وظروف اشتغاله، كما تم تأمينه بمتابعة يومية من طرف السلطة المحلية لضمان التنظيم واحترام الفضاء العام.
السوق النموذجي بمدينة العروي يشهد إقبالًا كثيفًا من طرف الساكنة، خصوصًا خلال أيام الذروة مثل الجمعة، السبت والأحد، إضافة إلى فترات ما بعد الزوال في باقي أيام الأسبوع، باستثناء يومي الاثنين والثلاثاء اللذان يَعرفان تقليديًا تراجعًا في الإقبال بسبب طبيعة الأنشطة بالمدينة.
وشهد نهاية الأسبوع الماضي اكتظاظًا كبيرًا داخل السوق، وهو ما يعكس تجاوب المواطنين مع المشروع، وتقديرهم لمبادرة تهدف إلى تنظيم التجارة وتحسين المشهد الحضري، دون المس بحقوق الفئات المستفيدة.
من جهة أخرى، ساهم السوق النموذجي أيضًا في تنشيط سوق السمك المجاور، حيث لوحظ ارتفاع عدد الزوار، ما جعل هذا الفضاء التجاري يتحول تدريجيًا إلى مركز اقتصادي حيوي بالمدينة، يستقطب المستهلكين من مختلف الأحياء المجاورة.
في السياق ذاته، تستعد السلطات المحلية لتنزيل المرحلة المقبلة من المشروع، والتي تقضي بنقل الفراشة المتواجدين بشارع الزهور إلى فضاءات مخصصة داخل السوق النموذجي، في أفق القضاء على مظاهر العشوائية وإعادة تنظيم المدينة بشكل متكامل.
نجاح تجربة العروي يُعد نموذجًا يحتذى به على صعيد الإقليم، ويُبرهن أن الإرادة الحقيقية، مقرونة بالتخطيط المحكم وتوفير البدائل، قادرة على تحقيق تحول حضري واقتصادي حقيقي يخدم المواطن والتاجر في آنٍ واحد.
ويتطلع متتبعون محليون إلى تبني جماعات أخرى لهذا النموذج الناجح، خصوصًا في ظل تعثر مشاريع مماثلة في مدن أخرى، حيث أُقيمت الأسواق دون مواكبة فعلية، مما أدى إلى عود الفوضى واحتلال الملك العمومي من جديد.
السوق النموذجي بالعروي.. قصة نجاح تُكتب بحروف التنظيم والانضباط، وعنوان لمدينة تعرف كيف توفق بين النظام وكرامة أبنائها
أضف تعليقك أو رأيك