هو رجل في السبعون من عمره، غزا الشيب رأسه بعدما راكم مسيرة نضالية وسياسية ناهزت 30 سنة، كان خلالها من أبرز الوجوهالسياسية على المستويين الإقليمي والوطني، بعدما تقلد مجموعة من الحقائب الوزارية الهامة والنيابة البرلمانية لعدة ولايات، ورئاسته للمجلسالجماعي لمدينة العروي لأزيد من 20 عاما.
هو بإختصار، إبن مدينة العروي، مصطفى المنصوري، الحاصل على دكتوراه الدولة في الاقتصاد بميزة حسن جدا من جامعة محمدالخامس الرباط بالمغرب سنة 1991، والحاصل على مجموعة من الشواهد والديبلومات في فرنسا والمغرب، والرئيس السابق لمجلس النواب،والنائب البرلماني عن دائرة الناظور من 1993 الى 2018 بعد تعيينه من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس سفيرا للمملكة المغربية بالشقيقة المملكة العربية السعودية.
بروتريه المنصوري يعود بنا إلى بداية العقد الأخير من القرن المنصرم، وبالضبط إلى سنة 1992، لما ترشح للإنتخابات المحلية بمدينة العروي ليكسب بعدها ثقة الناخبين ومعها رئاسة المجلس البلدي، والتي إستمرت إلى غاية الإنتخابات المحلية لسنة 2015، وفي خضم هذه الاعوام الطويلة، كان لابن العروي مجموعة من المحطات السياسية البارزة، حيث أنتخب برلمانيا سنة 1993، ثم رئيسا للمجلس الاقليمي لناظور ما بين عامي 1993 و 1997، وفي نفس الفترة رئيسا للفريق البرلماني لحزب التجمع الوطني للأحرار، وفي الإنتخابات المحلية والجهوية لسنة 1997، ترشح سليل مدينة العروي لرئاسة مجلس جهة الشرق وضفر بها.
رئاسة مجلس الشرق لم تكن سوى بداية المنصوري في فلك السياسة، حيث تقلد حقيبة وزارة النقل والملاحة التجارية بين سنتي 1998 و2000، كما نصبه جلالة الملك محمد السادس عام 2000 وزيرا للتجارة والصناعة والطاقة والمعادن إلى غاية 2002، وفي نفس السنةأصبح وزيرا على قطاع التشغيل والشؤون الاجتماعية والتضامن إلى غاية 2004، وبعدها وزيرا على التشغيل والتكوين المهني إلى غاية2007.
المنصوري وبعد 10 أعوام من الإستوزار، أنتخب رئيسا لمجلس النواب سنة 2007، وفي نفس العام ترأس حزب التجمع الوطني للأحرار قبلأن يَتنازل على المقعد لصالح وزير الخارجة الحالي صلاح الدين مزوار، ويختفي من الواجهة السياسية الوطنية الشيء الذي فتح بابالتكهنات وأسال أقلام الصحفيين لأشهر عديدة.
غياب المنصوري عن الساحة السياسية، لم يكن فقط نتيجة للمكيدة التي حاكها بعض المقربون من حزبه ، بل لعدد من المشاكل التيتعرض لها خلال تلك الاعوام، خصوصا مرض زوجته الذي اجبره على التنقل برفقتها إلى فرنسا لعدة أشهر، ما قوبل بغيابه عن الإجتماعاتالرسمية لحزب الحمامة ومجلس جماعة العروي وجلسات البرلمان.
كل هذه المشاكل والمكائد التي تعرض لها نتيجة وفائه لحزب التجمع الوطني للأحرار، جعلت المنصوري حسب أحد مقربيه يدخل فيما أسماه”نقاهة سياسية”، إلا أن هذه الأخيرة سببت له ترجع شعبيته داخل مدينة العروي ما قبل الإستحقاقات المحلية لسنة 2015، حيث فقد علىإثرها رئاسة بلدية العروي لأول مرة منذ 1992، بعدما عمد الناخبون إلى التصويت لصالح خصوم المنصوري، كتصويت عقابي.
تراجع شعبية المنصوري قبل إنتخابات 2015، لم تدم طويلا، فالرجل يعد من ابرز النخب البارزة بالريف نظير مساره السياسي والاكاديمي، فعادت شعبيته للصعود بقوة بعد اقل من سنتين بعد انتخابات 2015 ,لاسيما بعدما ظهر جليا لساكنة العروي الفرق البين بين المنصوري وأقوضاض رئيس المجلس الجماعي للفترة الانتدابية 2015/2021، وهو الأمر الذي لمسه مجموعة من المتابعين للشأن المحليبالمدينة.
وما يُحسب للمنصوري خلال كل هاذه الأعوام، بعيدا عن المنجازات والإخفاقات، هو وفاءه للون حزبي واحد منذ ثلاث عقود من الزمن، رغمإغرائه من طرف بعض الأحزاب التي كانت تحبو وراء الرجل طمعا في إنتدابه، ولعل ذلك يبرز جليا عندما حاول العُمَاري مهاتفة المنصوري والتغزل به بطرق مشفرة.
ولا ينكر منتقدي الرجل أنه على عكس خصومه، فهو رجل سياسي ورجل دولة يعرف خبايا السياسة وكواليسها، وأكثر من ذلك فالسيرة الذاتية لإبن العروي تفيض بالشواهد العليا والدكتوراه من داخل البلد وخارجها، وهو الذي حافظ على مقعد نيابي بالبرلمان لسينين لقبيلةبني بويحيي ، فمنذ تعيينه سفيرا للمملكة العربية السعودية وتفرغه للعمل الديبلوماسي لم تنل القبيلة هذا المقعد ، فيما تتحسر الساكنة ومختلف الفعاليات عن تلك الحقبة التي تراس فيها المنصوري المجلس الجماعي وشهدت المدينة نهضة على جميع المستويات .