في هذه الفترة المميزة من السنة، وبعد التساقطات المطرية التي أنعشت الطبيعة، بدأ يظهر في مختلف مداخل جماعات إقليم الناظور بيع نبات “نبنة الهليون” المعروف في الريف باسم “باراغوش”. تُجمع هذه النبتة بشكل جماعي على يد الأطفال والشباب من المناطق الريفية، لتصبح فيما بعد سلعة مهمة تُعرض للبيع في مداخل المدن والأسواق المحلية.

يُعد “باراغوش” نتاجاً طبيعيًا ينمو في بيئة نقية بعيدًا عن التعقيدات الصناعية، حيث يقوم الأطفال والشباب بجمعه بطرق تقليدية تنقل خبرات الأجيال. يتم بيعه بأسعار معقولة، ما يجعله من السلع التي تلقى إقبالاً متزايداً من سكان الريف، الذين يرون فيه مصدر دخل إضافي وفرصة للاستفادة من ثمار الطبيعة بأقل تكلفة.

لم يقتصر انتشار “باراغوش” على البيع فقط، بل أصبح جزءاً من التراث الغذائي خلال شهر رمضان الكريم. يُعد هذا النبات من الوجبات المفضلة لكثير من العائلات، حيث يتم تحضيره بعناية؛ إذ تُغسل النبتة جيداً ثم تُفور، وبعدها تُقلى مع البيض لتُقدم كوجبة متكاملة في الإفطار والسحور. هذا التحضير البسيط يُبرز نكهتها الطبيعية ويضفي لمسة من الأصالة والدفء على موائد الطعام الرمضانية.

لا يقتصر تميز “باراغوش” على مذاقه الفريد فحسب، بل يتمتع بفوائد صحية عديدة؛ فهو يحتوي على مضادات أكسدة وفيتامينات تسهم في تعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض. وقد نال هذا النبات اهتماماً ليس فقط في الأسواق المحلية، بل أيضاً في المدن الأوروبية حيث تُزرع في مزارع خاصة ويعاد بيعه في الأسواق ومعامل الشبه الطبية، وذلك لما له من تأثير إيجابي على الصحة.

يُعد “باراغوش” مثالاً حيًا على كيفية استغلال الموارد الطبيعية بشكل يحافظ على التراث ويمزجه مع متطلبات العصر الحديث. فمن خلال جمع هذا النبات وتداوله، تبرز روح التعاون بين أفراد المجتمع الريفي وقدرتهم على تقديم منتجات طبيعية مميزة تلبي الاحتياجات الغذائية والصحية، مما يعكس تلاحم الماضي مع الحاضر في إطار من الأصالة والابتكار.

بهذا يصبح “باراغوش” ليس مجرد نبات بري، بل رمزاً للتراث والحداثة، يجسد قدرة الطبيعة على تزويد الإنسان بما هو مفيد، ويضفي على المناسبات الرمضانية لمسة من النكهة والدفء التي لا تُقدّر بثمن