بدأت منصات التواصل الاجتماعي بإقليم الناظورتكشف لنا عن ظواهر غريبة وَجدت طريقها وسط المجتمع المحلي، لا علاقة لها بثقافة أهل المدينة.
آخر ما كشفت عنه مواقع التواصل الاجتماعي باقليم التاظور هو قيام إحدى السيدات بتنظيم حفلة باذخة، ليست حفلة زواج ولا حفلة عقيقة ولا حفلة نجاح ولا احتفال بمناسبة دينية، بل هو حفل “طلاق”.
وبحسب ما أوردته المعنية على موقع “إنستغرام” لتبادل الصور والفيديوهات، فإن المعنية حصلت على الطلاق خلال أواخر يوليوز الماضي، وقامت بتنظيم الحفل خلال بداية غشت الجاري.
الملاحظ أن الكثير من النساء تفاعلن مع الصور والفيديوهات المنشورة التي توثق للحفل، حيث انصبت التعليقات في اتجاه تهنئة “المطلقة”، في شكل يثير الاشمئزاز لما وصل إليه المجتمع المحلي من تراجع خطير في القيم.
والظاهر أن المعنية صرفت أموالا طائلة من أجل إقامة هذه الحفلة التي تُعبّر عن شذوذ في التفكير، وبحث عن خلق “البوز” ولو بالخروح عن الفطرة، كون الطلاق أمر بغيض وليس مدعاة للاحتفال.
وحصلت السيدة المطلقة على عدد إعجابات فاق 10 آلاف إعجاب في يوم واحد، كما تفاعل أزيد من ألف شخص مع فيديو الحفل من خلال كتابة تعليقات مشجعة المعنية.
لكن هذا التفاعل الكبير على موقع “إنستغرام” قابله تفاعل أكبر في الواقع، حيث استنكر المواطنون بالاقليم ما اعتبروه خروجا عن الفطرة بالتباهي بأمر بغيض يقتضي الوقوف عنده من خلال البحث في أسبابه ومعالجته.
وأصبح التباهي والاستعراض هدفا للعديد من النساء بالناظور، حيث يقمن بنشر صور وفيديوهات توثق لسفرهن وأناقتهن واحتفالهن بأعياد الميلاد وديكورات منازلهن.
وأصبحت الكثير من نساء الناظور تبحثن عن إثارة الجدل والتميز بالخوض في الحياة الخاصة ومن ثم التوجه إلى تقليد الغرب والاحتفال بطريقة استعراضية.
وبحسب الكثيرين فإن هذه السلوكيات تتعارض مع ثقافة المجتمع المحلي وتكرّس للمادية بشكل كبير، كما أن عواقبها وخيمة على المجتمع، خاصة فيما يتعلق بتراجع الخصوصية لدى الكثيرات.
وبالعودة للحديث عن حفلة الطلاق المقامة بالناظور فإن الكثيرين اعتبروا ذلك تمييعا لفكرة الطلاق وتشجيعا عليه، خاصة حين نرى أن المعنية كتبت على كعكة عبارة “أخيرا تطلقت”، فيما قامت إحدى صديقاتها على كعكة أخرى “مبروك الطلاق”، وهذه عبارات يجدها أغلب الناس مستفزة.
ويعتبر الأخصائيون النفسيون أن حفلات الطلاق هي قناع مزيف يرتديه الفرد ليظهر في صورة قوة، كما يعتبرون أن احتفال المرأة بالطلاق ليست عادة دخيلة على المجتمع المغربي، فهناك مناطق جنوبية تقيم أفراحا ضخمة للنساء المطلقات منذ القدم، وذلك كطريقة لدعمهن من أجل المضي قدما.
ويرى خبراء علم الاجتماع أن هوية المجتمع المغربي باتت مهددة بالتلاشي بسبب محاولات التماهي في ثقافات الغير بفعل العولمة والرقمنة ومواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها بشكل رهيب و تأثيرها المتزايد خصوصا مع التقليد الأعمى للغرب والهوس الشديد بالمؤثرين، ما أدى إلى ظهور نمط عيش جديد وعادات دخيلة على الأسرة المغربية، تسببت في انسلاخ أفراد عن ثقافتهم ومحاولتهم الظهور بمظهر الآخر.