تمر الأيام وتتغير الوجوه، لكن بعض الأسماء تبقى محفورة في ذاكرة المدن، كعلامات مضيئة تذكرنا بما كانت عليه الأوضاع في زمن مضى. مصطفى المنصوري، ابن مدينة العروي، كان واحدًا من هؤلاء الذين صنعوا فارقًا في المشهد السياسي والتنمية المحلية، وحين نعود بالذاكرة إلى فترة نفوذه، ندرك كم كانت العروي تحظى بمكانة خاصة في دوائر القرار
كان الرجل رجلَ دولة بامتياز، شخصية يُحسب لها ألف حساب، إذ لم تكن العروي مجرد نقطة على الخريطة، بل كانت تُذكر في الصالونات المغلقة، وكانت لها كلمتها في دوائر التأثير. حين استقبل مطار العروي الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي، برفقة سبعة وزراء، لم يكن ذلك مجرد حدث بروتوكولي، بل كان تأكيدًا على الدور الذي كانت تلعبه هذه المدينة بفضل رجالاتها
إنجازات المنصوري لا تُحصى، لكن يكفي أن نذكر تأسيس المستشفى المحلي في العروي في وقت كانت فيه الناظور تحتكر البنية الصحية، رغم أن العروي لا تبعد عنها سوى 20 كلم، بينما كانت مناطق أخرى تبعد أكثر من 100 كلم دون مرافق طبية ملائمة. كانت تلك الأيام التي عاشت فيها العروي مرحلة من العزة والتطور، قبل أن تؤول الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم.
لكن ماذا عن الحاضر؟ العروي اليوم تبدو يتيمة، تائهة بين المصالح الضيقة والتجاهل. الحزب الذي كان المنصوري على رأسه هو نفسه الذي يُفترض أن يحمل مشعل التنمية في المدينة، لكنه بدل ذلك يواجه اتهامات بمحاولة إخماد وهجها وإبقائها في الظل. ومع ذلك، فإن العروي لم تخلُ بعد من رجالاتها، ولا تزال فيها طاقات قادرة على إعادة الاعتبار لها، إن وجدت الإرادة الحقيقية لذلك.
التحسر على الماضي لن يعيد مجد العروي، ولكن الاعتراف بقيمة من صنعوا مجدها قد يكون أول خطوة نحو استعادة دورها، حتى لا تظل مجرد ذكرى في عقول من عاشوا أيام الصحوة والازدهار
أضف تعليقك أو رأيك