تشهد الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الأضاحي، مما أثار مخاوف كبيرة بين مربّي المواشي، والذين يُعرفون محلياً بـ “الكسّابة”. يأتي هذا الارتفاع نتيجة لعوامل متعددة أبرزها غلاء الأعلاف، وتأثير الجفاف على الإنتاج الحيواني، وارتفاع تكاليف النقل التي تزيد من الضغوط على السوق المحلي. وفي ظل تدهور القدرة الشرائية للأسر، تصاعدت الدعوات في بعض المناطق إلى تقليص الاحتفال بعيد الأضحى أو حتى إلغائه، وهو ما يُعد موضوعاً حساساً لدى الفئة التي تعتمد على هذا العيد لتحقيق أرباحها الأساسية.
يرى المهنيون أن ارتفاع أسعار الأضاحي يعود إلى عدة عوامل مترابطة؛ فزيادة أسعار الأعلاف ونقص الموارد الطبيعية نتيجة للجفاف، إلى جانب ارتفاع تكاليف النقل واللوجستيات، ساهمت في رفع تكلفة تربية المواشي. هذه التكاليف الإضافية تُحملها في نهاية المطاف الفئة العاملة في السوق، حيث يتأثر سعر البيع بما لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمستهلكين. وفي هذا السياق، يُعتبر عيد الأضحى فرصة رئيسية لتصريف المواشي وتحقيق أرباح تُمكن مربّي المواشي من الاستمرار في عملهم، مما يجعل أي حديث عن تقليص الاحتفال مصدر قلق بالغ لهم.
يُعبّر مربّو المواشي، أو “الكسّابة”، عن قلقهم من أن تؤدي الدعوات لتقليص أو إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى إلى انخفاض الطلب على الأضاحي في فترة يشكل فيها العيد محطة أساسية لتحقيق أرباحهم السنوية. ففي أعينهم، يمثل العيد فترة حاسمة لتجديد السيولة المالية وتأمين دخل يكفي لمواجهة التحديات المستمرة التي تفرضها تقلبات السوق. لذا، فإن أي قرار بتعديل طريقة الاحتفال أو الحد من هذه الشعيرة الدينية قد يؤثر سلباً على اقتصادهم المحلي ويهدد استمراريتهم.
في المقابل، تتجه بعض الجهات إلى الدعوة لإيجاد حلول وسطى تضمن استمرار الاحتفال بعيد الأضحى دون إرهاق المواطنين اقتصادياً. من بين هذه الحلول دعم الفلاحين ومربّي المواشي عبر برامج مالية تُساعدهم على تحمل ارتفاع التكاليف، أو تقديم مساعدات للأسر المحتاجة لتخفيف العبء الاقتصادي خلال فترة العيد. كما يُقترح العمل على تطوير سلاسل توريد أكثر كفاءة وشفافية، بحيث يتم تقليل تكاليف النقل وتأمين مصادر أعلاف بأسعار معقولة، مما يسهم في استقرار أسعار الأضاحي ويحقق توازنًا بين متطلبات السوق والقدرة الشرائية للمواطنين.
يبقى النقاش حول أسعار الأضاحي محوراً جدلياً يتداخل فيه الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية. وبينما يستمر مربّو المواشي في الاعتماد على العيد كفرصة رئيسية لتحقيق الدخل، تظهر الحاجة الملحة لتبني سياسات داعمة تُوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء. في ظل هذه التحديات، يتوجب على الجهات المعنية وضع خطط استراتيجية تشمل دعم الإنتاج المحلي وتوفير مساعدات مالية موجهة، مع تبني إجراءات تسهم في تقليل تأثير العوامل الخارجية كالجواب والجفاف على السوق الزراعي.
يشكل ارتفاع أسعار الأضاحي تحدياً كبيراً ليس فقط لمربّي المواشي الذين يعتمدون على هذا القطاع في معيشتهم، بل للمجتمع بأسره الذي يسعى للحفاظ على تقاليد دينية غالية دون أن يثقل كاهل الأسر اقتصاديًا. وتظل الدعوات لإيجاد حلول بديلة خطوة مهمة نحو تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي يخدم جميع أطياف المجتمع.
أضف تعليقك أو رأيك