تشهد مدينة العروي في السنوات الأخيرة فتورًا سياسيًا غير مسبوق، حيث أغلقت معظم الأحزاب السياسية مقراتها، واختفى النشاط الحزبي الذي كان يشكل جزءًا من المشهد العام. من أبرز هذه الأحزاب حزب العدالة والتنمية، الذي كان له فرع نشيط بالمدينة، إلى جانب التنظيمات الموازية لبعض الأحزاب الأخرى، التي باتت بدورها غائبة عن الساحة.
هذا الركود السياسي يتزامن مع جمود واضح في المشاريع التنموية، حيث لم تشهد المدينة تقدمًا ملموسًا في عدة مشاريع تمت المصادقة عليها خلال دورات المجلس الجماعي، رغم الإعلانات الرسمية حولها. ومن بين هذه المشاريع التي لا تزال متوقفة أو متعثرة: مشروع التأهيل الحضري (الشطر الرابع)، مشروع مركز الوقاية المدنية ،مشروع الحدائق الخمس، ملاعب القرب، الملعب الكبير، المستوصفات الصحية وغيرها من المشاريع التي كان من المفترض أن تعزز البنية التحتية للمدينة.
في المقابل، يعاني المسيرون المحليون، رغم مجهوداتهم، من عراقيل إدارية متعددة، أبرزها البيروقراطية وتعقيدات المصالح الخارجية، مما يجعل تدبير الشأن المحلي أكثر تعقيدًا. هؤلاء المنتخبون، الذين يواجهون المواطنين يوميًا، أصبحوا بمثابة “كبش فداء” يتم تحميلهم مسؤولية كل الإخفاقات، في حين أن القرارات تخضع في كثير من الأحيان لعوامل أخرى خارج إرادتهم. هذا الضغط الكبير، إلى جانب العراقيل الإدارية، أدى إلى نية العديد من الفاعلين السياسيين عن العزوف في خوض غمار الانتخابات مجددًا، حيث أصبح الترشح والتدبير المحلي عبئًا لا يطاق في ظل هذه الإكراهات.
الأمر لا يقتصر فقط على المنتخبين الحاليين، بل إن حتى الأطر والمثقفين في المدينة باتوا مقتنعين بأن الترشح مسؤولية مرهقة، مما قد يفسح المجال في الاستحقاقات المقبلة أمام وجوه جديدة، قد تكون أكثر بؤسا في ممارساتها السياسية وتسييرها للشأن العام، وهو ما قد يؤثر سلبًا على صورة المدينة ومستقبلها التنموي.
إن تجميد المشاريع التنموية وعدم تنزيلها على أرض الواقع لن تكون له فقط انعكاسات اقتصادية، بل أيضًا تأثيرات خطيرة على التوازنات السياسية والاجتماعية بالمدينة، حيث قد يؤدي فقدان الثقة في المؤسسات المنتخبة إلى مزيد من العزوف عن الشأن السياسي، وفتح المجال أمام ممارسات غير مسؤولة قد تزيد من تعميق الأزمة. فهل تشهد العروي انتفاضة سياسية وتنموية تعيد إليها ديناميتها المفقودة، أم أن الفتور الحالي سيكون مقدمة لمزيد من التراجع؟
أضف تعليقك أو رأيك