24 ساعة

احمد الدحماني يكتب : متى تلتفت مدينة العروي إلى روادها المؤسسين؟

احمد الدحماني 🖊️

لم تكن ليلة السبت الاخير في مطار انفرس ببلجيكا بالعادية ,أصغر حجما من مطار العروي بكثير، كان لي موعد مع الطائرة التي ستقلنا ليلا من هناك الى العروي

وأنا أجر حقيبتي الصغيرة من أجل الاصطفاف لتسجيل الرحلة يتراءى لي الشاب الخلوق الصغير هشام ابن (عياد البريد) ولمن لا يعرف عياذ البريد من شبابنا اليوم فهو أول من عمل في نقطة البريد في السبعينات والثمانينات والتي كانت متواجدة في شارع محمد الخامس تحت مكتبة النور , وذلك قبل استحداث مقر البريد المتواجد اليوم في شارع المسيرة
مع هشام في مطار انفرس عند تسجيل الامتعة يظهر لي معه كهل أخذت النحافة منه كل مأخذ، بعد انتهائي من التسجيل توجهت الى مدخل التفتيش هناك سأسلم على هشام بحرارة وأمد يدي للسلام على الكهل النحيف جدا، سألني هشام إن كنت أعرف رفيقه؟ نظرت إليه مليا وهو جالس لايقوى على الوقوف ، فقلت له لا، لا أعرفه، وإذا به هشام يفاجئني بقوله إنه أحمد الشبابي نعم أحمد الشبابي، أعدت إليه النظر وهو يرمقني بنظرة ذابلة فقلت سبحان الله والله هو، تجمدت في مكاني عجز لساني عن الكلام وجسمي عن الحركة، في برهة صغيرة استعدت في ذاكرتي أحمد الشبابي، صولاته وجولاته في الميدان حياؤه وطيب معشره، سلمت عليه من جديد عناقا وهو جالس لا يستطيع حتى الوقوف،لم أجد حتى الكلمات التي علي النطق بها في هذه اللحظة الحرجة، لم اعرف هل اواسيه على ضياع صحته أم أواسي نفسي على اغتراري بهذه الدنيا الغادرة، استجمعت كياني تمتمت بكلمات لست أتذكرها فتابعنا أنا وهشام التقدم في الصف من أجل التفتيش واحمد جالس ينتظر أن يتم النداء عليه ،اسر لي هشام بمرضه الخبيث وبعملياته الجراحية ومعاناته الطويلة

في داخل المطار يعامله هشام الخلوق بمنتهى الرفق والحنان يساعده في كل شيء، إن لم أقل جاء معه خصيصا من بلجيكا إلى العروي لخدمته ورعايته كما يرعاه هناك في مستشفيات بلجيكا فلله دره

وصلنا الى العروي والمنظر لا يفارق عيناي ولا مخيلتي، لم تكن ليلة سهلة ولا الايام التي تلتها وأنا أفكر في أحمد الشبابي ومرضه والحالة التي وصل اليها من الضعف والهزال، سألت نفسي إن كان يمكنني فعل شيء ما، إن كنت أستطيع المساعدة، إن كنت استطيع تقديم خدمة لأحمد الشبابي، مما يخدمه رفيقه

أكتب عنه ولو قليلا ولن أستطيع أن أوفيه شيئا وقد يرحل في صمت كما رحل غيره في صمت ممن خدم من مكانه حبا لهذه المدينة، مدينة العروي
تساءلت مع نفسي لم ذاكرتنا ضعيفة،؟ لم لا نتذكر رموزنا؟ لم لا نكرم من أسس في البداية من لا شيء؟ من أسس للرياضة ومن أسس للاغنية ومن أسس للكلمة والثقافة ومن أسس للعمل الجمعوي وغيره

لم لا نربط الماضي بالحاضر؟ لم لا نعرف الاجيال الجديدة في مدينة العروي بالاجيال القديمة، لم لا تسمع الاجيال الجديدة للاجيال القديمة تحكي عن تجربتها ومعاناتها؟ لم لا نعلم الجيل الحاضر ان بحبوحة اليوم إن كانت هناك بحبوحة فقد جاءت بألم وقلة ذات يد الجيل الاول المؤسس.؟
كلها تساؤلات ايقظها في داخلي رؤيتي لأحمد الشبابي على تلك الحالة.
والان أحبتي،أيها الجيل الذي نعقد عليه كل آمالنا نحن الآباء! هل تعرفون من هو أحمد الشبابي ؟

هل تعرفون مارادونا أواخر السبعينيات والثمانينيات وبداية التسعينيات لفريق نجم العروي الذي اصبح فريق الامل الرياضي العروي لاحقا؟
ولد احمد الشبابي في 1964 وتدرج في اطفال وفتيان وشباب فتح الناضور ، في اواخر السبعينيات التحق بنجم العروي تحت قيادة بلبل فريد ولد (بنخاري) كما هو معروف ومن لا يعرف فريد بنخاري فليسأل عنه وما قدمه للفريق، عاصر أحمد الشبابي الكثير ممن لعبوا لفريق العروي نذكر منهم بيليه المخضرم عبدالرحمن الطيبي، قليع، كريم الراضي او اليعقوبي وأخوه حسن، ماجد مكروه أحمد عبد الدايم و محمادي التانوتي وغيرهم كثير، كان أحمد الشبابي يحمل رقم 10 يلعب في وسط الميدان وقد لقبه زملاؤه في الفريق كما ذكر لي كريم اليعقوبي بمارادونا لمداعبته الكرة ولقصر قامته، كان محبا للفريق متفانيا في اللعب خلوقا ذو حياء ومن أطول من مكث بالفريق كلاعب ،بعد ذلك استقر به الحال في بلجيكا

وأنا أكتب هذه الكلمات أوجه نداءا إلى مسؤولي هذه المدينة كل في مكانه ومهامه وأوجه نداءا الى الجمعيات المتواجدة في الساحة وإلى الشباب الخلوق الذي يحمل اليوم مشعل الاستمرارية أن يتم ربط الماضي بالحاضر،أن يتم البحث عن الرواد في أي مجال كانوا ، لست هنا أتحدث فقط عن الرياضة والكرة أن يسمع الشباب من الاباء المؤسسين: معاناتهم طريقتهم هواجسهم حينها وطرقهم في التغلب عن الصعوبات وقلة ذات اليد، ان يُكرم الرواد، أن يُلتفت اليهم في أمسيات تكون لمصالحة الحاضر بالماضي لكي يستطيع الحاضر ان يتقدم الى المستقبل، فأنت أيها الشاب اليوم أيها المتفاني في خدمة مدينتك غدا ستكون رائدا وسيتم البحث عنك لتقدم تجربتك لمن سيأتي بعده

فهل نبدؤها بتكريم أحمد الشبابي شفاه الله ؟

ولنا عودة لمواضيع أخرى تهم هذه المدينة لنربط الماضي بالحاضر والمستقبل

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *